عرب وعالم / نبض

ما واقعية اتهام حماس بأنها "صناعة" إسرائيلية؟

ما واقعية اتهام حماس بأنها "صناعة" إسرائيلية؟

لغز الأعداء: ما واقعية اتهام حماس بأنها "صنيعة" إسرائيلية؟

2 يناير/ كانون الثاني 2024 آخر تحديث 3 يناير/ كانون الثاني 2024

يُطِل الاتهام الكبير القائل بأنَّ حركة المقاومة الإسلامية "كانت في بداياتها مشروعا إسرائيلياً" برأسه للعلن بين حين وآخر، فيما أثاره مجدداً هجوم 7 أكتوبر.

لكن أبناء الحركة الإسلامية يرفضونه بشكل قاطع، كما يعترض عليه مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى، ويصفونه بغير السليم.

وقد يبدو التساؤل -عن جذور حماس وحقيقة ارتباطها بإسرائيل- صادما للبعض، لكنه وللمفارقة اتهام قديم جدا، يُوجّه للطرفين -على حد سواء-، وحتى قبل هجوم حماس على إسرائيل، ردده وزير فلسطيني سابق على شاشة بي بي سي، وكررته صحف أجنبية عديدة، وذكره نشطاء بارزون على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما صرّح به علناً -قبل عقود- الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وذكره سيناتور جمهوري داخل الكونغرس الأمريكي، وورد على لسان مسؤولين في الشاباك الإسرائيلي.

لكن، ما حقيقة هذا الاتهام؟ وعلى أي أسس قام؟ وفي أي محطات من تاريخ تكوّن الحركة الإسلامية ظهر هذا الارتياب؟ في مقالتنا سنخوض في هذا اللغز الغامض؛ لمحاولة الإجابة عليه.

مخاض حماس الطويل من الجدير ذكره أن حركة المقاومة الإسلامية حماس لم تظهر -عام 1987- من العدم، فقد خاضت الحركة رحلة طويلة قبل ذلك. ومرّت بما يمكن تقسيمه -تبسيطا- إلى مستويين:

الأول: جذور الحركة في الأراضي الفلسطينية، التي بدأت بوادرها منذ منتصف الأربعينيات، وذلك مع تأسيس أولى شعب الإخوان الفلسطينيين في غزة، وحي الشيخ جراح في القدس، وغيرها من المدن.

الثاني: خلاف شباب الإخوان المسلمين مع شيوخهم وقادتهم، على إثر "نكسة" 1967، وبدء إرهاصات التفكير الإخواني الشاب بالعمل العسكري المُنظّم.

ووفقا للتقييمات، فإن جزءا كبيرا من تاريخ الإخوان المسلمين في الأراضي الفلسطينية اتسم بالطابع الديني الدعوي والتوعوي، وبناء المؤسسات الدينية والاجتماعية والمساجد، إذ تشير أدبيات الإخوان إلى أنهم كانوا يسعون -خلال نشأتهم في فلسطين- للتركيز على الإعداد الفكري والثقافي والنفسي والروحي، وليس العسكري.

واجه تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في مصر فترات عصيبة: من الحظر إلى سجن الآلاف من أعضائها وتعذيبهم، فيما وصلت عام 1966 إلى إعدام المفكر الإسلامي الشهير سيد قطب.

وفي هذا السياق، يذكر زعيم حماس السابق ورئيسها -الآن- في الخارج خالد مشعل، أن الإسلاميين غابوا اضطرارا في فترات عن الساحة الفلسطينية، بسبب نشوء ظروف ضاغطة على الإسلاميين في المنطقة أواخر الخمسينيات والستينيات -مع هيمنة المد القومي والناصري والبعثي والشيوعي-، إذ لم يكن مرحبا بهم، ولم يعطوا فرصة العمل، وفق تصريحات صحافية لمشعل.

في السطور التالية للمقالة، سنتناول فترة المخاض الثانية التي أنتجت حركة حماس، أي ما بعد عام 67 وصولا إلى عام ولادة الحركة في 1987.

المئذنة الحمراء: إرهاصات "الكفاح المسلح" يبدو أن واحداً من عوامل التحوّل في منهجية "الصراع مع إسرائيل" بدأ بالتشكل بعد هزيمة العرب في حرب 1967، فقد تحدّث أول ناطق باسم حركة حماس إبراهيم غوشة، في مذكراته التي عنونها بـ "المئذنة الحمراء"، عن تداعيات تلك الهزيمة وارتداداتها على شباب حركة الإخوان المسلمين.

وقال غوشة في مذكراته إن المراقب العام للاخوان في الأردن محمد عبد الرحمن خليفة، عقد حينها مؤتمرا إسلاميا جاء بمخرجات لم تُرضِ غوشة وجيله من الشباب، "لأنه لم يقدم حلولا واضحة لمستقبل فلسطين، ولم يدعُ إلى البدء بالبناء الإسلامي الجهادي".

في نهاية الستينيات، نفّذَ شبابٌ من الإخوان عمليات عسكرية ضد إسرائيل ولكن تحت راية حركة فتح.

وتضيف مذكرات "المئذنة الحمراء" أن هذا الأمر دفع شباب الإخوان -المتحمسين للقتال ضد إسرائيل-، إلى العمل بما سمّوه "الحركة التصحيحية" داخل الجماعة، وذلك للبدء بالتسلّح -دون علم قيادات الإخوان-.

وعلى إثر ذلك، تم الاتفاق -سراً- مع حركة فتح على إعداد أولئك الشباب من الإخوان، وتزويدهم بالمهارات القتالية، ضمن ما عُرف حينها بـ "قواعد الشيوخ"، في الأردن.

بدأت التدريبات داخل تلك القواعد في عام 1968، لكنها انتهت عام 1970؛ بسبب ما عُرف بأحداث "أيلول الأسود"، واكتشاف قيادة الإخوان للحركة التصحيحية، بحسب المذكرات.

ومن اللافت ذكره، أن حركة الإخوان المسلمين شهدت صراعات داخلية في تلك الفترات، بين "القيادات الكلاسيكية" و"جيل الشباب"؛ فبينما كان الشباب يضغطون لتبني نهج القتال ضد إسرائيل، كانت القيادات تتمسك بتقديم أولوية "بناء الدولة" على قتال إسرائيل، وهو ما دفع عددا من أبناء الحركة للانشقاق عنها، وتشكيل حركات "وطنية ونضالية تتبنى الكفاح المسلح"، مما أدى إلى زيادة الضغوط على الجماعة التي كانت تعاني من الضعف، وسط تعدد خصومها، وسيادة تيارات فلسطينية فكرية ووطنية أخرى.

"صنعوا حماس لمواجهة ياسر عرفات" تُثار "شبهة العلاقة" بين إسرائيل والجماعة الإسلامية التي انبثقت عنها حماس، في آخر عقدين من مخاض الجماعة -أي في السبعينيات والثمانينيات-.

الرئيس المصري السابق حسني مبارك، كان من بين مثيري تلك الشبهة، حين اتهم حركة حماس بأنها صنيعة إسرائيلية، فقد ظهر مبارك في مقطع مصور قديم، مجتمعا بعدد من العسكريين المصريين، ويقول فيه: "إسرائيل أنشأت حماس حتى تعمل ضد المنظمة (منظمة التحرير الفلسطينية)".

ولم يكن مبارك وحيدا في توجيه هذا الاتهام، فهناك رون بول -وهو عضو سابق في مجلس النواب الأمريكي، وخاض سباق الرئاسة الأميركية عام 1988-، قال بول عام 2009 من داخل الكونغرس: "إذا عدت بالتاريخ، ستجد أن إسرائيل شجعت وساعدت في صناعة حماس، بهدف مواجهة ياسر عرفات".

معسكرات فتح في الأردن 1970| تبنى ياسر عرفات وعدد من رفاقه عند تأسيس حركة فتح "الكفاح المسلح طريقاً لتحرير فلسطين"، وقاتلوا إسرائيل بضراوة لسنوات طويلة.

كما أنَّ الوزير السابق وعضو الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات أوسلو السرية عام 1993، حسن عصفور، قال في أيلول/سبتمبر عام 2023 عبر شاشة بي بي سي، إن "حماس انطلقت بالاتفاق بين بعض الدول العربية وإسرائيل في إطار مشروع أمريكي، لتكون بديلا موازيا لمنظمة التحرير الفلسطينية".

في هذا الجانب، تحدثنا مع الباحث الفلسطيني أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر د.أحمد جميل عزم الذي قال إن الاتهامات ليست حكرا على أحد، معتبراً أن تلك التي تطال السلطة الفلسطينية ليست أقل سوءا، وقال عزم إن "الإسرائيليين أنفسهم جزء من هذه الادعاءات.. كما أن الانقسام الداخلي الفلسطيني – الفلسطيني لعب دورا في هذه المزاعم".

وبشأن تصريحات مبارك قبل عقود، يقول عزم لبي بي سي إن "خطاب النظام المصري كان يتغير بحسب المصالح.. وربما جاءت تلك الاتهامات في سياق العداء مع الإخوان المسلمين أو في لحظة توتر مع حماس.. وفي المقابل، فقد كان حسني مبارك ومدير مخابراته عمر سليمان، في بعض الفترات، على علاقة إيجابية جدا مع حماس.. وصلت إلى حد تسهيل دخول الأسلحة لقطاع غزة".

يونيو-حزيران 1967| ديفيد بن غوريون (أحد مؤسسي إسرائيل الأوائل) وإسحاق رابين (رئيس أركان الجيش الإسرائيلي) يقودان مجموعة من الجنود -خلال جولة بعد الانتصار على العرب- أمام قبة الصخرة، في القدس الشرقية المحتلة.

يمكن القول إن اتهامات "العلاقة المحرمة" بين حماس وإسرائيل، تأتي في سياق المحطات اللاحقة لحرب 1967، حين بدأ الإخوان ما يُسمى بـ "مرحلة المساجد" في الأراضي الفلسطينية، والتي استمرت بحسب التقديرات حتى عام 1975، وهي مرحلة اتسمت بالعمل على "بناء المساجد واستيعاب الجيل وتعبئته.. وتركيز عقيدته وتعميقها لمواجهة التيار الصهيوني"، حسبما ينقل الكاتب خالد الحروب في كتابه "حماس: الفكر والممارسة السياسية".

ويُقدّر الحروب أن الإسلاميين استثمروا نتيجة حرب 67 استثمارا كبيرا، وذلك بظهور صلاحية الشعار الإسلامي البديل في مواجهة الشعار الناصري القومي الذي خاص الحرب وخسرها.

ويذكر الكاتب أن "مرحلة المؤسسات التالية، امتدت منذ منتصف السبعينيات وصولا إلى أواخر الثمانينات، وهي التي تأسست فيها الكتل الطلابية الإسلامية والأندية والجمعيات الخيرية، وغيرها مما أصبحت مراكز لالتقاء مجموعات الشباب الإسلامي الجديد".

"كنت رئيسا للشاباك وشاهدا على نشوء حماس" نشرت نيويورك تايمز مقالة عام 1981، تحدّثتْ فيها مع الحاكم العسكري الإسرائيلي في غزة -حينها- إسحق سيجيف، الذي وصف تلك الفترة قائلا: "الأصوليون الإسلاميون يتلقون بعض المساعدات الإسرائيلية.. أعطتني الحكومة الإسرائيلية ميزانية، وتقوم الحكومة العسكرية بتقديم دعم للمساجد"، وعللت المقالة تقديم تلك الأموال بهدف تعزيز القوة التي تنافس منظمة التحرير الفلسطينية.

ولكن، في مقابلة نشرتها مؤخرا هيئة البث الإسرائيلية، يقول يعقوب بيري الذي عمل رئيسا لجهاز الشاباك الإسرائيلي: "لقد كنت رئيسا للجهاز منذ عام 1988 وحتى 1995، لقد كنت شاهدا على نشوء حركة حماس، وأذكر أن تقييمنا كان أنها أشبه بحركة اجتماعية، وأنها كانت تعمل لتوفير احتياجات الناس.. الكثير من الناس الطيبين في إسرائيل اتهموا الشاباك بأنه ساعد الجهاز السياسي لحماس باعتباره بديلا لمنظمة التحرير.. لكن هذا ليس صحيحا".

مخيم النصيرات-غزة 1970| كان الإخوان المسلمون يؤمنون بأنه لا يمكن تبني نهج "الكفاح المسلح" قبل إعداد الأجيال والعمل على إصلاح المجتمع.

وعند العودة لمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين في برنامج "شاهد على العصر"، فلا يبدو أن مسألة الأموال الإسرائيلية شكّلت "مأزقا" له، فقد أكد أن إسرائيل كانت تدفع الرواتب باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، مضيفا: "لقد بدأوا بعرض دفع المعاشات والرواتب للموظفين الذين يقبلون العودة إلى العمل.. ابتداءً دون مقابل، ولاحقا بمقابل".

أضاف ياسين أن إسرائيل كانت تدفع الرواتب بهدف التأكيد على أنها تعيد الحياة لطبيعتها بعد احتلال غزة، مضيفا: "أنا كنت آخذ 240 ليرة إسرائيلية في الشهر مقابل عملي مدرّساً.. و40 ليرة مقابل عملي خطيبا في المسجد.. هذا المبلغ لو أردت استخدامه لاستئجار سيارة -لأي مكان- ذهابا وإيابا، فلن يكفي".

"تقاطع مصالح غير مقصود" اعتبر الباحث في معهد ترومان في الجامعة العبرية د.روني شاكيد، خلال حديث لبي بي سي، أن إسرائيل لم تكن لديها مشكلة مع التيارات الاجتماعية الدعوية، مضيفاً أن الإخوان لم يشكلوا حينها خطرا على إسرائيل.

ويؤكد شاكيد -وهو ضابط سابق في الشاباك خلال سبعينيات القرن الماضي-، أن إسرائيل لم.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نبض ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نبض ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا