بغداد: قصة مدينة عربية بُنيت لتكون عاصمة إمبراطورية كبرى
يحتفل العراق في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، بيوم تأسيس بغداد قبل نحو 1262 عاماً على يد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، وذلك في عام 762 للميلاد (145 هجرية) لتكون عاصمة الخلافة العباسية، وقد استغرق بناء هذه المدينة 4 سنوات.
فما هي قصة بغداد؟ تقول دائرة المعارف البريطانية إنّ الأدلة الأثرية تشير إلى أن موقع بغداد كان مأهولاً من قبل شعوب مختلفة قبل فترة طويلة من دخول العرب بلاد ما بين النهرين في سنة 637 ميلادية، وكانت للعديد من الإمبراطوريات القديمة عواصم تقع في الجوار.
ومع ذلك، فإنّ التأسيس الحقيقي للمدينة يعود إلى عام 762 ميلادية عندما اختير الموقع، الذي يقع بين الكاظمية والكرخ الحالية وتحتله قرية تسمى بغداد، من قبل الخليفة الثاني للدولة العباسية أبو جعفر المنصور لبناء عاصمته. فتمّ بناء مدينته "مدينة السلام" داخل أسوار دائرية وسميت "المدينة المستديرة".
وكانت بغداد لدى بنائها، مجمعاً حكومياً أكثر من كونها مدينة سكنية، وكان قطرها حوالي 2700 متر ولها ثلاثة أسوار، وكانت تأوي حاشية الخليفة، وقد ربطت أربع 4 طرق رئيسية بين قصر الخليفة والمسجد الكبير في المركز ومختلف أنحاء الإمبراطورية.
وأدى الحجم المحدود لهذه المدينة إلى توسع سريع خارج أسوارها، حيث قام التجار ببناء المتاجر والمنازل حول البوابة الجنوبية وشكلوا منطقة الكرخ.
ومن البوابة الشمالية الشرقية، تمّ ربط طريق خراسان بجسر من القوارب إلى الضفة الشرقية لنهر دجلة.
وبحلول عام 946، تمّ تأسيس مقر الخلافة بالكامل على الضفة الشرقية، ونمت الرصافة لتنافس المدينة المستديرة.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إنّ بغداد وصلت إلى أوجّ ازدهارها الاقتصادي والفكري في القرنين الثامن وأوائل القرن التاسع تحت حكم المهدي الذي حكم بين عامي 775 و785 الميلاديين وخليفته هارون الرشيد (786-809).
وانعكس مجد بغداد في هذه الفترة في قصص ألف ليلة وليلة. ثمّ اعتبرت أغنى مدينة في العالم، وكانت مكتظة بسفن قادمة من الصين والهند وشرق إفريقيا.
غير أنّ الحرب الأهلية التي اندلعت بين نجلي هارون الرشيد (الأمين والمأمون) أدت إلى تدمير جزء كبير من المدينة المستديرة.
وبعد توليه، شجع الخليفة المأمون (813-833) ترجمة الأعمال اليونانية القديمة إلى العربية، وأسس المستشفيات والمرصد، وجذب الشعراء والحرفيين إلى عاصمته.
ومنذ منتصف القرن التاسع وما بعده، ضعفت الخلافة العباسية تدريجاً بسبب الصراع الداخلي، والفشل الزراعي الناجم عن إهمال نظام الرّي.
وبين عامي 836 و 892 هجر الخلفاء بغداد إلى سامراء في الشمال، واستولى على المدينة الأتراك المشاغبون الذين تمّ جلبهم كحراس شخصيين.
وعندما عاد الخلفاء إلى بغداد، جعلوا عاصمتهم على الضفة الشرقية.
وقد أدت الغزوات والحكم من قبل العناصر الغريبة (السلالة البويهية من 945 إلى 1055 وسلالة السلاجقة التركية بين عامي 1055 و 1152) إلى تحوّل أجزاء من المدينة إلى خراب.
قرون من التدهور كان هذا الانحدار الطويل والبطيء مجرّد مقدمة للهجمات المدمرة التي لم تتعافَ منها بغداد حتى القرن العشرين.
فقد استمرت الخلافة العباسية نحو خمسة قرون، قبل أن تنتهي نهاية مروعة على أيدي المغول.
فقد اجتاح هولاكو، حفيد الفاتح المغولي جنكيز خان، في عام 1258 ميلادية، بلاد ما بين النهرين ونهب بغداد وقتل مئات الآلاف من السكان.
كما دمّر العديد من السدود، ممّا جعل استعادة نظام الري شبه مستحيل، وبالتالي تدمير إمكانات بغداد للازدهار في المستقبل.
أمّا عن المستعصم بالله، آخر الخلفاء العباسيين، فقد قام المغول بلفه في سجادة، وداسوه بحوافر خيولهم حتى الموت.
ومن الغريب أنّ ذلك كان علامة على الاحترام، حيث كان المغول يعتقدون أنّ الأشخاص ذوي المقام الرفيع يجب أن يقتلوا دون أن تسيل دماؤهم.
لكن رغم ذلك بقيت مؤسسة الخلافة، ومنح المماليك، وهم القوة الرئيسية للمسلمين السنة في ذلك الوقت، لقب الخليفة لبعض أفراد الأسرة العباسية بشكل شرفي.
ولم يكن هؤلاء الخلفاء أكثر من حلية في تاج دولة المماليك في مصر، لكن بوجود هؤلاء الخلفاء حافظوا على فكرة الخليفة، الذي يمكن أن يتوحّد خلفه كل المسلمين.
ولذلك فقد ظلّ لقب الخليفة موجوداً، حتى ظهرت إمبراطورية إسلامية جديدة حازت عليه.
وفي مطلع القرن السادس عشر انتقل هذا اللقب إلى السلاطين العثمانيين، الذين حكموا إمبراطورية إسلامية جديدة لنحو أربعة قرون.
وفي عام 1924، ألغيت الخلافة الإسلامية على أيدي مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس دولة تركيا الحديثة.
الحكم العثماني بعد سقوطها في يد المغول، باتت بغداد عاصمة إقليمية، أولاً لأباطرة المغول في إيران من سلالة الخانيد (1258-1339)، ثمّ أتباعهم الجلايريين (1339-1410).
في عام 1401، تعرضت المدينة لعملية نهب من قبل تيمورلنك، وبعد ذلك سقطت تحت سيطرة سلالتين تركمانيتين متتاليتين، هما أك كويونلو وكارا كويونلو (1410-1508)، وكلاهما لم يفعل الكثير لاستعادة مكانتها .
وفي عام 1508، أدمجت بغداد مؤقتاً في الإمبراطورية الفارسية الجديدة التي أنشأها الشاه إسماعيل الأول من سلالة الصفويين.
وفي عام 1534، استولت الإمبراطورية العثمانية السنية في عهد السلطان سليمان الأول على المدينة.
ورغم الهجمات الفارسية المتكررة، ظلّت بغداد تحت الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى، باستثناء فترة وجيزة (1623-1638)، عندما احتلها الفرس مرة أخرى.
وقد نما النفوذ الأوروبي في بغداد في القرن التاسع عشر، مع إنشاء الرهبانيات الفرنسية وزيادة التجارة الأوروبية.
وفي عام 1798، تم إنشاء بعثة دبلوماسية بريطانية دائمة هناك، وسرعان ما اكتسب المقيمون البريطانيون سلطة ومكانة في المرتبة الثانية بعد الحاكم.
وبدأت بغداد تستعيد الازدهار مع انطلاق الرحلات البخارية على نهر دجلة في ستينيات القرن التاسع عشر.
وبين عامي 1860 و1914، قام العديد من الحكام العثمانيين الإصلاحيين النشطين بتحسين أوضاع المدينة، وخاصة مدحت باشا.
وخلال فترة ولاية مدحت باشا (1869-1872)، دمر أسوار المدينة وأصلح الإدارة وأنشأ صحيفة وأنشأ مطبعة حديثة، كما تم إنشاء التلغراف والمصانع العسكرية والمستشفيات والمدارس الحديثة إلى جانب مجلس بلدي.
بغداد في العراق الحديث في عام 1920، أصبحت بغداد عاصمة دولة العراق حديثة النشأة. فكيف حدث ذلك؟
تقول دائرة المعارف البريطانية، إنّ بريطانيا أقامت منطقة نفوذ في العراق، وكانت قد احتلت عام 1917 خلال الحرب العالمية الأولى ولايات البصرة وبغداد والموصل، وكانت تابعة للدولة العثمانية.
غير أنّ العراق شهد انتفاضة ضد البريطانيين في مايو/آيار من عام 1920 (ثورة العشرين)، حيث شعر الشعب العراقي بأنه تمّ التراجع عن الوعود التي قدمت لهم بالاستقلال، وتطلّب الأمر نشر أكثر من 100 ألف جندي بريطاني وهندي.
وانتشرت الثورة في جميع أنحاء البلاد وقمعت بصعوبة كبيرة. وقد أسفرت المواجهات عن مقتل الآلاف من العراقيين والمئات من الجنود البريطانيين والهنود، وكلفت الحملة العسكرية بريطانيا عشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية، وهي أموال لم تستطع تحملها بعد الحرب العظمى.
وكانت هناك حاجة إلى طريقة جديدة للسيطرة على العراق، وقد طرح ونستون تشرشل، بصفته وزيراً للحرب في حكومة تحالف لويد جورج، إجراء تخفيضات ضخمة في الميزانية العسكرية مع إحكام القبضة من الجو.
وكان الوضع سيئاً للغاية لدرجة أنّ القائد البريطاني، الجنرال السير أيلمر هالدين، طلب في وقت ما إمدادات الغاز السام.
وتم استخدام القوة الجوية العشوائية لقمع انتفاضة رجال القبائل، كما تم استخدام أساليب اعترف البريطانيون بأنها لم تكسبهم أصدقاء، وكما قال أحدهم إنّ تلك الأساليب زرعت كراهية لا تنضب للبريطانيين بين سكان المنطقة ورغبة في الانتقام.
ولتخفيف مقاومة الحكم البريطاني، قررت بريطانيا في مارس/آذار عام 1921، رعاية فيصل بن الحسين كممثل عن العراق بغية إبرام معاهدة معه تنص على الاستقلال في نهاية المطاف.
وقبل فيصل بالخطة، ورُحب به بحماس في العراق حيث توج في أغسطس/آب من عام 1921 بحسب موسوعة بريتانيكا.
وتضيف دائرة المعارف البريطانية قائلة إنّ قدرة فيصل بن الحسين على الحصول على دعم واسع النطاق في العراق وسوريا مثّلت مؤشراً مستمراً على الشعور القومي بين العرب في منطقة الهلال الخصيب (العراق والشام).
وفي الواقع، استمد فيصل سلطاته، بصفته زعيماً عربياً ليس له جذور سياسية محددة في العراق كما أبدى تقديراً للصداقة البريطانية مع الحفاظ على أوراق اعتماده الكاملة بين القوميين العرب المتحمسين له كزعيم.
لقد اتحدت الولايات الثلاث المتفرقة (البصرة وبغداد والموصل) في ظل الملك الهاشمي فيصل القادم من الحجاز في شبه الجزيرة العربية.
وتقول دائرة المعارف البريطانية، إنّ فيصل من موقع نفوذه تفاوض مع بريطانيا على سلسلة من المعاهدات بلغت ذروتها في عام 1930، بمعاهدة مكّنت العراق من تحقيق "الاستقلال" والعضوية في عصبة الأمم بحلول عام 1932.
لقد فرض البريطانيون نظاماً ملكياً وشكلاً من أشكال الديمقراطية، ولكن حتى بعد منح الاستقلال الرسمي في عام 1930، اعتقد معظم العراقيين أنّ البريطانيين هم الذين كانوا يحكمون البلاد فعلياً.
وقد ظلّ الملك فيصل الأول جالسا على العرش حتى وفاته في 8 سبتمبر/أيلول من عام 1933.
وقد عاشت الملكية في العراق حتى عام 1958، حيث جلس الملك غازي الأول نجل فيصل، على العرش بعد وفاة والده وحتى عام 1939، ثمّ تولى الأمير عبد الإله الهاشمي الوصاية على عرش ولي العهد الصغير فيصل الثاني حتى وصل السن القانونية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نبض ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نبض ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.