تواصل المعارضة المسلحة التي تقودها ما تسمى هيئة تحرير الشام، بقيادة أبو محمد الجولاني، تقدمها فى مدن الشمال السوري، معلنة سيطرتها على حلب ومن بعدها حماة، متجهة إلى الجنوب تدريجيا فى مشهد عسكري يثير الكثير من علامات الاستفهام حول سقوط المدن السورية الواحدة تلو الأخرى، علاوة على امتلاك التشكيلات المسلحة عتادا نوعيا متطورا ومتقدما.
وخلال السطور التالية ترصد "فيتو" مشهد التحول الدراماتيكي فى الدولة السورية، وفق المعطيات المتاحة، واستشراف المستقبل من واقع تصريحات على لسان قادة تشير جميعها إلى تعرض الرئيس بشار الأسد، لخيانة من الحليف الروسي، وطعنة نافذة فى صدر نظامه من تركيا.
هيئة تحرير الشام جيش مصقول
المؤشرات تدل على خطة معدة سلفا للتحرك فى هذا التوقيت، والتي تحمل بصمات لإشراف أجهزة استخبارات إقليمية ودولية على تلك العملية، ويدلل عليها تحول هيئة تحرير الشام من مجرد ميليشيا إلى جيش مصقول بالأسلحة والعتاد المتطور، فقبل خمس سنوات، كانت الهيئة التي كانت تسمى سابقا جبهة النصرة -أحد أفرع تنظيم القاعدة-، مجموعة مسلحة محاصرة تقاتل في من أجل البقاء على الحياة، بعد سنوات من الهجمات التي شنها الجيش السوري مدعومًا من قبل روسيا عليها.
الهيئة تحولت الآن فصيلًا قويًا يفاخر في معقله بمحافظة إدلب، بوجود أكاديمية عسكرية، وقيادة مركزية، ووحدات متخصصة سريعة الانتشار، بما في ذلك المشاة والمدفعية والعمليات الخاصة والدبابات والطائرات بدون طيار والقناصون، وحتى تصنيع الأسلحة المتطورة خصوصا "الدرون".
ويقول الخبير في معهد واشنطن للأبحاث، آرون زيلين، فى تصريحات نقلتها عنه صحيفة " فاينانشيال تايمز" البريطانية: إن هيئة تحرير الشام تحولت على مدى السنوات الأربع أو الخمس الماضية إلى جيش مصقول".
وأشار فى هذا السياق، إلى الهجوم بالطائرات المسيرة الذي طال أكاديمية عسكرية سورية في حمص، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص عام 2023، واعتبر ذلك دليلًا واضحًا على قدرات الهيئة وما اكتسبته، علمًا أن أحدا لم يعلن يتبنى مسؤوليته عن الهجوم، لكن جميع المعطيات أشارت إلى تورط تحرير الشام فى تنفيذه حينها.
كما لفت، إلى أن الفصائل استخدمت طائرات بدون طيار للمراقبة، واستهداف عناصر الجيش السوري ومراكزه، قبل إرسال عناصرها إلى المعركة، وأسقطت أيضًا، ولأول مرة، منشورات من طائرات الدرون فوق المناطق المدنية لتشجيع الانشقاقات عن النظام.
من جانبه اعتبر برودريك ماكدونالد، الباحث في الصراعات من معهد "كينجز كوليدج" فى لندن، أن تصنيع الدرون محليًا أو استعمالها في الحروب بات أمرا شائعًا حاليًا. وقال: "لقد رأينا تكتيكات مماثلة في أذربيجان وأوكرانيا وأماكن أخرى".
وأضاف: الذي تابع استخدام الفصائل للطائرات بدون طيار هذا الأسبوع، يلحظ أنها نشرت في السابق درونا صغيرة يمكنها التحليق فوق المركبات المدرعة وإسقاط القنابل اليدوية.
وتابع قائلا: لكنها استخدمت خلال هجومها الحالي، طائرات درون صاروخية محلية الصنع، ونماذج أكبر يمكنها التحليق لمسافة أبعد وحمل حمولة أكبر.
كما لفت مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إلى أن ضباطًا من أوروبا الشرقية -أوكرانيا- دربوا الفصائل السورية المسلحة على استخدام تلك المسيرات.
الاستيلاء على معدات ثقيلة ونظام صاروخي روسي
وأظهرت مقاطع فيديو ترصد المعارك، أن هيئة تحرير الشام عززت ترسانتها من الأسلحة الثقيلة، عبر نزع أسلحة من فصائل مسلحة أخرى سابقا، كما استولت مؤخرًا على أسلحة تابعة للقوات السورية خلال معاركها في حلب، وحاليًا في حماة.
وظهرت فى المقاطع المصورة، أسلحة للجيش السوري، فضلا عن مركبات وآليات مدرعة، بعضها روسي الصنع، استولت عليها الفصائل من مواقع عسكرية سيطرت عليها أو ربما تركت من قبل القوات السورية والجنود قبل انسحابهم.
وأصبح بأيدي تلك الفصائل كميات هائلة من المعدات العسكرية، تشمل دبابات وناقلات جنود مدرعة، بل أنظمة مضادة للطائرات أيضا.
كما استولت الفصائل المسلحة، على "منظومة بانتسير الصاروخية الروسية الصنع، والعديد من الصواريخ الأخرى المضادة للطائرات، بالإضافة إلى العديد من الطائرات الهجومية الخفيفة.
وهنا يقول الباحث برودريك ماكدونالد: "إذا تمكنت -المعارضة المسلحة- من تشغيل أنظمة الدفاع الجوي المضادة للطائرات، فذلك سيمكنها من الدفاع ضد الضربات الجوية الروسية، وهو أمر لم يكن بمتناول "هيئة تحرير الشام" أو غيرها من الفصائل سابقا".
واستثمرت هيئة تحرير الشام في إنتاج الصواريخ بعيدة المدى والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون، وخلال هجومها الأخير على مدينة حلب، كشفت الهيئة عن نظام صاروخي موجه جديد، لا يعرف عنه سوى القليل، رجح الخبراء العسكريون، أنه صاروخ كبير بذخيرة ضخمة في المقدمة، يعتقد أنه يحمل اسم القيصر.
خطاب إعلامي محترف لطمأنة الغرب
على عكس المشاهد الدموية التى اعتادت هذه الجماعات تصويرها وترويجها فى المعارك، أظهرت غرفة عمليات "إدارة العمليات العسكرية" الحالية انضباطا وتدريبا غير مسبوق عبر متحدث رسمي ومنصات موحدة لنقل المعلومات.
ركز الخطاب الإعلامي للفصائل المسلحة على ربط العملية بالقصف المتكرر من الجيش السوري وميليشياته الإيرانية واللبنانية على مناطق تمركز تلك الجماعات فى الشمال السوري، وهو ما أكسبها حالة تعاطف محلية بالتصريح بأن هدف المعركة هو "حماية المدنيين وإبعاد نيران النظام"، كما أنه عمد لبث رسالة طمأن السكان في المناطق التى وقعت تحت سيطرتها عبر توجيهات مباشرة من أبي محمد الجولاني لقادة الفصائل بالتعامل "بالرفق واللين" مع المدنيين وحفظ ممتلكاتهم، وتقديم ضمانات أمان للجنود الذين يختارون الانشقاق عن الجيش، إضافة إلى مخاطبة دول الجوار بعدم نية توسيع الحرب إلى أراضيهم.
كما صرح الجولاني لمجموعة الأزمات الدولية، بأن حلب ستخضع لإدارة هيئة انتقالية مع انسحاب المقاتلين، بمن فيهم عناصر هيئة تحرير الشام التى كشف عن نيتها حلها وتحويلها إلى هيئة انتقالية، خلال الأسابيع المقبلة.
كما أشار الجولاني، إلى دعوة الموظفين الحكوميين لاستئناف عملهم، مؤكدا على احترام الأعراف الاجتماعية والثقافية المتنوعة في المدينة، سواء للمسلمين أو المسيحيين، وفق زعمه.
لأول مرة منذ تأسيس هيئة "تحرير الشام"، تنشر الهيئة بيانًا تذكر فيه اسم قائدها المعروف بلقب "أبو محمد الجولاني" باسمه الحقيقي "أحمد الشرع" فى إشارة إلى تخليه عن كنية ارتبطت بالإرهاب والاكتفاء باستخدام اسمه الحقيقى.
الطريق إلى حمص والمنطقة العازلة الإسرائيلية
المشهد العسكري الذي يعكس بشكل كبير وجود تفاهمات بين تركيا وروسيا وأمريكا وإسرائيل فى المعارك الدائرة، سهل إعلان تحرير الشام بعد السيطرة على مدينة حماة، رابع كبرى المدن في سوريا من ثلاث جهات، تحركهم إلى حمص وباتوا على بعد 48 كلم من النقطة الاستراتيجية.
ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن محافظ حمص قوله: "اتخذنا كل الإجراءات لحفظ الأمن بالمحافظة".
كما أقر الجيش السوري بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية بعد حلب، معلنا في بيان أن وحداته العسكرية المرابطة في المدينة قامت بـ إعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة.
وعلى الفور أعلنت إسرائيل، أنها ستشرع فى إقامة منطقة عازلة داخل سورية حال وصلت العناصر المسلحة إلى حمص، كما حذرت لبنان من سقوط المدينة.
عجز أذرع إيران عن دعم الأسد
المؤكد حاليا أن الاندفاع الإيرانى سواء عبر طهران الرسمية أو حزب الله اللبناني ، وكذلك المقاومة العراقية، لدعم الرئيس السوري السوري بشار الأسد، على غرار السنوات الماضية، فقد قوته تلك من خلال ضربات قاسية أرجعته خطوات للوراء على مستوى التسليح وكذلك العناصر البشرية، وباتت طهران حذرة بشكل كبير من الاندفاع للداخل السوري خشية اصطياد قادتها عبر العمليات الإسرائيلية الخاطفة، خصوصا أن مواقع تمركز هذه الجماعات ستكون معلومة للجميع فى مناطق المواجهات.
أشكال الدعم حتى الآن لم تتخط التصريحات حول المؤامرة الصهيونية ضد سوريا التى وردت على لسان أمين عام حزب الله اللبناني، الشيخ نعيم قاسم، فيما حسم زعيم التيار الصدري بالعراق، مقتدى الصدر، بتأكيده على عدم التدخل فى الشأن السوري.
اتفاق تركي أمريكي روسي في سوريا
من قلب الراعي الأساسي للمحور قال الدبلوماسي الإيراني السابق عبد الرضا فرجي راد: إن الوضع في سوريا أصبح أكثر تعقيدًا، وإن الفصائل السورية المسلحة عازمة على السير نحو الجنوب، موضحًا أن التقدم الذي أحرزته المعارضة سببه انشغال الجيش السوري بتحرير المزيد من الأراضي في الشمال من قبضة الجماعات الكردية.
وأشار إلى إن تركيا تحاول أن تستغل الظرف الذي تمر به روسيا لتحقيق مكاسبها في سوريا من خلال دعم الجماعات المسلحة، وباتت تمد لها الدعم أينما واجهت صعوبات أو مشكلات، كما أن الأسلحة المقدمة لها أسلحة متطورة للغاية.
ونقل التلفزيون الإيراني عنه قوله: إن، أمريكا لن تسمح هذه المرة لإيران أو الفصائل الشيعية في العراق بإرسال القوات والمسلحين لدعم النظام السوري.
وعبر خلال تحليله للأحداث عن اعتقاده، بأن واشنطن لا تعارض ما يجري في سوريا، لكنهم اشترطوا على الأتراك عدم سقوط مدنيين، وقد نجحت تركيا والفصائل السورية المسلحة في ذلك، حيث تظهر المقاطع والصور أنهم لم يرتكبوا قتلًا عشوائيًا ضد الأطراف الأخرى، وقدموا الحافلات للسكان للخروج من المناطق التي دخلوها.
يرجح الدبلوماسي الإيراني السابق، تصعيدًا كبيرًا على جبهة حماة وحمص في الأيام المقبلة -وهو ما يحدث فى تلك الساعات-، كما أن تركيا ستضاعف من ضغطها على الجماعات الكردية، وهو ما قد يدفع روسيا إلى التوصل إلى اتفاق مع تركيا ينص على خروج بشار الأسد من الحكم، والتوافق تشكيل حكومة مؤقتة في دمشق.
وعزز الشكوك حول تخلى الروس عن الرئيس السوري، رصد الأقمار الصناعية صورا تظهر سحب روسيا لكامل أسطولها البحري من قاعدة طرطوس في سوريا، في خطوة اعتبرها مراقبون تشير إلى أن موسكو لا تنوي إرسال تعزيزات كبيرة لدعم الأسد، في المستقبل القريب، وفق ما أفاد تقرير لمعهد دراسة الحرب.
وأظهرت الصور التي التقطت، في الثالث من ديسمبر الجاري، إخلاء روسيا لثلاث فرقاطات حربية وغواصة وسفينتين مساعدتين من القاعدة البحرية.
التخلص من الأسد وفق تفاهمات دولية
خلاصة ما سبق، يشير إلى حصول روسيا على ضمانات من أطراف اللعبة بحماية مصالحها فى الأراضى السورية، مقابل غض الطرف عن الإطاحة بالأسد، بهدف ترضية إسرائيل حول التخلص من النفوذ الإيراني فى سوريا، وإبعادها عن حدودها وضمانة محاصرة تلك النقطة الاستراتيجية لتجفيف منابع تسليح حزب الله.
تركيا أيضا التى تتهم حاليا بتبنى مخطط أمريكى إسرائيلي، لكنها من وجهة نظرها تحافظ على أمنها القومى خشية انفلات الأوضاع عن سيطرة تكون فيها خارج المعادلة، لتتفاجئ بميلاد دولة كردية فى سوريا تقتضم جزءا من أراضيها لاحقا، فضلت اللعب الجيوسياسي فى الخرائط العربية على الانتظار للتفريط فى أراضيها بدعم أمريكي وإسرائيلي لجماعات قسد على حدودها الجنوبية.
ونقلت الرئاسة التركية، اليوم الخميس، عن الرئيس رجب طيب أردوغان تحدثه عن مرحلة جديدة "تتم إدارتها بهدوء" في سوريا، وفق وصفه
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بوابة فيتو ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بوابة فيتو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.