السعودية / نبض

محمد محمود باشا.. من الصعيد إلى قيادة الحكومة المصرية

محمد محمود باشا.. من الصعيد إلى قيادة الحكومة المصرية

بفضل ما حباها الله من أمن واستقرار وخيرات وفيرة وعمران وطبيعة، وبسبب لين عريكة أهلها ورحابة صدورهم وترحيبهم بالوافدين، ظلت مصر طوال تاريخها مقصداً للعديد من الهجرات من كل مكان وجنس ودين. من تلك الهجرات هجرات انطلقت من شبه الجزيرة العربية قبل وبعد الفتح الإسلامي، خصوصاً من الحجاز الأقرب إلى الأراضي المصرية. يقول عبدالرحيم عبدالرحمن عبدالرحيم في كتابه «الحجازيون في مصر في القرن العاشر الهجري، القرن 16 ميلادي» ما مفاده أن هجرة القبائل الحجازية إلى مصر استمرت منذ الفتح الإسلامي حتى القرن 13 الهجري، وأن بعضها استقر في ريف مصر ومحافظات المنيا وأسيوط وسوهاج، بينما استقر البعض الآخر في الوجه البحري بمحافظات الشرقية والغربية والقليوبية، فيما فضل البعض الثالث الترحال والتنقل في البلاد دون الاستقرار في مكان معين.

ويضيف المؤلف قائلاً: إن سجلات المحاكم الشرعية المصرية تشير إلى وجود جالية حجازية كبيرة في المدن المصرية امتهنت تجارة النحاس والعطور والفحم والحبوب وغيرها من السلع، علاوة على الصيرفة والسمسرة وتملك العقارات والأراضي الزراعية، وإنها اندمجت بالمجتمع المصري عن طريق المصاهرة والزمالة في معاهد الدرس والتجاور في السكن وأماكن العمل، فحصل أفرادها مع مرور الوقت على المواطنة الكاملة وصاروا جزءاً من الأمة المصرية، ما أتاح لهم لعب دور اقتصادي واجتماعي مؤثر في الحياة المصرية.

ونقرأ في كتاب «دور القبائل العربية في صعيد مصر» لمؤلفه الدكتور ممدوح عبدالرحمن عبدالرحيم الربطي ما مفاده، أن القلاقل في شبه الجزيرة العربية جعلت قبائلها تتوافد على صعيد مصر وأنها سرعان ما طاب لها العيش هناك، لاسيما أنها استُقبلت بالترحاب من القبائل التي سبقتها ومن الصعايدة أنفسهم، الأمر الذي أغراهم بالانتقال من حالة الإقامة المؤقتة إلى اتخاذ المكان معاشاً وسكناً دائماً.

كانت تلك مقدمة للحديث عن زعيم مصري من أبناء الحجاز النجباء ممن هاجرت عائلته قديماً إلى صعيد مصر واستقرت به وبرزت على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأنجبت أبناء شغلوا مناصب وزارية ومقاعد برلمانية.

هذا الزعيم المصري هو المرحوم محمد محمود باشا، الذي تولى منصب رئيس وزراء المملكة المصرية أربع مرات ما بين عامي 1928 و1939، والذي أطلقت الحكومة في عام 1945 اسمه على واحد من أهم شوارع وسط القاهرة وهو «شارع محمد محمود» بالقرب من ميدان التحرير، تخليداً لأعماله وإنجازاته لبلده، ناهيك عن قيام مكتبة الإسكندرية بدراسة تاريخية عن عائلته على مدار 4 سنوات وأصدرتها في كتاب بعنوان «العائلة السليمية.. سيرة عائلة من صعيد مصر»، وذلك ضمن مشروع ترعاه المكتبة باسم «مشروع ذاكرة تاريخ مصر الحديث والمعاصر».

نعتمد هنا في سرد سيرته ومسيرته على العديد من المصادر الصحفية، علاوة على عدد من المؤلفات التي أوردت ذكره وتحدثت عن صولاته وجولاته ومعاركه السياسية ككتب: «مذكراتي في نصف قرن» لأحمد شفيق باشا، و«قصة حياتي» لأحمد لطفي السيد، و«سعد زغلول زعيم الثورة» لعباس محمود العقاد، و«المعتدلون في السياسة المصرية.. دراسة في دور محمد محمود باشا» لماجدة محمد محمود.

ولد محمد محمود في «ساحل سليم»، مركز أبوتيج، محافظة أسيوط بصعيد مصر في 4 أبريل 1878، ابناً لوالده محمود باشا سليمان بن سليمان بن عبدالعال بن عثمان المنحدر من قبيلة بني سليم ببادية الحجاز. حيث إن عبدالعال بن عثمان هاجر لمصر واستوطن الشاطئ الشرقي لضفة نهر النيل بأسيوط جنوب مصر، لذلك سميت تلك المنطقة بساحل بني سليم نسبة للقبيلة. وأنجب عبدالعال هذا أربعة أبناء هم: همام (شغل منصب حكمدار مصر على مستوى الصعيد، وكان عضواً بمجلس الأحكام في وزارة الحقانية)، وتمّام (كان متفرغاً لأعمال الزراعة ورعاية مصالح أهالي ساحل سليم، وتُوفي في الحجاز)، وسليمان (وهو جد المترجَم له، وكان أحد أربعة مصريين صعايدة حصلوا على رتبة البكوية)، وأبوزيد (شغل منصب حاكم جنوب الصعيد). ومن الروايات المتداولة عن محمود باشا سليمان (والد المترجَم له)، أن الإنجليز عرضوا عليه تولي عرش مصر بعد سقوط الدولة العثمانية، لكنه رفض لأسباب منها أنه لن تكون له استقلالية التصرف والقرار في ظل الإنجليز، وأن مخالفتهم سوف تعني العزل والإذلال. ثم جاء أحفاده الذين تولوا وزارات التجارة، والتموين، والأشغال العمومية، والمواصلات، والداخلية، وشغلوا المقاعد البرلمانية لسنوات في العهد الملكي. هذا علماً بأن محمود باشا سليمان كان وكيلاً لمجلس شورى القوانين ورئيساً لحزب الأمة عند تأسيسه عام 1907، وأحد كبار ملّاك الأراضي الزراعية في الصعيد.

تلقى محمد محمود باشا تعليمه بمدرسة أسيوط الابتدائية عام 1892، ثم التحق بالمدرسة التوفيقية بالقاهرة التي أتم فيها دراسته سنة 1897. أكمل دراسته الجامعية في كلية باليول بجامعة أكسفورد التي منحته شهادة في علم التاريخ سنة 1900، ليصبح بذلك أول مصري يتخرج من أكسفورد، وربما أول صعيدي يحمل مؤهلاً جامعياً.

بعد عودته من إنجلترا تم تعيينه ما بين 1901 و1902 في منصب وكيل مفتش بوزارة المالية، ومنها انتقل إلى وزارة الداخلية سنة 1904، وفي العام التالي اختير ليكون سكرتيراً خاصاً للمستشار الإنجليزي لوزير الداخلية.

وهو أول من أطلق فكرة تأليف وفد سنة 1918 للمطالبة بحق مصر في تقرير مصيرها وفقا للمبادئ الـ 14 التي أعلنها الرئيس الأمريكي «وودرو ويلسون» بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. ولهذا الغرض قام بتأليف الكتاب الأبيض الذي سرد فيه قضية مصر وحقها في الاستقلال سياسياً، ولهذا الغرض أيضاً خصص منزله القريب من شارع الفلكي بالقاهرة لاجتماعات الزعماء الوطنيين المصريين مثل سعد زغلول وعلي شعراوي وعبدالعزيز فهمي وأحمد لطفي السيد وغيرهم بقصد تشكيل الوفد المزمع إرساله إلى لندن والإعداد لثورة ضد السلطات البريطانية في حال.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نبض ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نبض ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا