- الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة ملحة في عصر يتسم بالتنوع والتسارع التقني.
- دار الإفتاء المصرية بدأت خطوات عملية لاستثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومة الإفتاء.
- التوازن بين الابتكار التقني والضوابط الشرعية يضمن الحفاظ على قيم الدين.
الحبيب على الجفري:
- الفقيه المعاصر لا بد أن يوازن بين المصالح والمفاسد لفهم السياسات الاقتصادية وتطبيق الشرع.
- الاقتصاد الإسلامي يرتكز على الأخلاق في كل مجالاته بخلاف الاقتصاد الوضعي الذي يتجاهل حاجات الفقير والتنمية
- التحول الرقمي يشمل الإنتاج والاستهلاك وإعادة التوزيع ولم يبلغ نهايته بعد.
- الشرع جاء للتوسعة ومنع الإفساد في الأرض.. وعلينا الاهتمام بمعالجة الفتوى للمشكلات الناتجة عن الأزمات الاقتصادية
- التحدي المستقبلي هو تأهيل العاملين بالفتوى وتطوير اطلاعهم على تفاصيل المستجدات والمسائل المعاصرة
الدكتور فياض عبد المنعم:
- الاقتصاد علم يهتم بتدبير شؤون الأمة، والفتوى يمكن أن تكون أداة تساهم في حل المشكلات الاقتصادية
- الدين ينظم حياة الإنسان ويولي اهتمامًا خاصًا بالجانب الاقتصادي والاجتهاد الفقهي أسهم في تطوير الحلول الاقتصادية.
- الرسول عمل على حل المشكلات الاقتصادية منذ وصوله إلى المدينة المنورة وابتكر مؤسسات مثل بيت مال الزكاة، والوقف، وبيت المال لضمان حقوق الفقراء.
- الثورة الرقمية خلقت تحولًا في طرق الإنتاج والاستهلاك والتوزيع وقد تؤدي إلى ظهور مجتمع بلا نقود ورقية.
- الشريعة الإسلامية لا تضيق على الناس بل تهدف إلى خلق مجتمع صالح يحافظ على الاقتصاد.. ولا ينبغي أخذ نصيحة أو فتوى في الأمور الاقتصادية إلا من المختصين.
شهد جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم السبت، ندوة: "الفتوى والاقتصاد" بحضور الدكتور نظير محمد عيَّاد -مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وبمشاركة كل من الحبيب علي الجفري رئيس مجلس إدارة مؤسسة طابة، الدكتور فياض عبد المنعم -وزير المالية الأسبق.
وقد أعرب مفتي الجمهورية عن خالص شكره وتقديره للمشاركين الذين أسهموا بجهودهم وأفكارهم القيّمة في إثراء النقاشات والمحاور المطروحة، مشيرًا إلى أهمية موضوع الندوة ومناقشة قضية الفتوى والاقتصاد في ظل عالم متسارع يعج بالقضايا المعاصرة، كما أشار إلى مواكبة دار الإفتاء مستجدات العصر حيث عنيت بالتقنيات الحديثة وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي الذي بات محورًا هامًّا في هذا العصر الذي يتسم بالتنوع والتسارع التقني، مشيرًا إلى أن هذه المواكبة لهذا التطور تحقق أقصى استفادة ممكنة مع العمل على تجنب مخاطره.
وأضاف المفتي أن دار الإفتاء المصرية قد بدأت بالفعل في استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير منظومة الإفتاء لخدمة المجتمع الإسلامي، مؤكدًا أن هناك خطوات عملية تم اتخاذها في هذا الاتجاه، وأن الدار ستستمر في البناء على هذه الجهود لتحقيق أهدافها المستقبلية.
وأشار المفتي إلى أنه قد تم بالفعل بحث آليات الاستفادة من هذه التقنيات بما يضمن تقديم خدمة دينية مواكبة للعصر وذات موثوقية عالية، مشددًا على ضرورة التوازن بين الابتكار التقني والضوابط الشرعية لضمان الحفاظ على قيم الدين ومبادئه.
من جانبه استهل الشيخ الحبيب علي الجفري كلمته بالدعاء لأهل غزة والثناء على قيادة مصر في موقفها تجاه القضية، وطرح تساؤلًا حول إمكانية الجمع بين الارتقاء بالاقتصاد والالتزام بشرع الله، وأكد أنه يمكننا تحقيق ذلك عندما يكون المصدر واحدًا وتسعى الأمة للخروج من حالة الاعتماد على غيرها في الغذاء والصناعة والتقنيات.
كما أشار إلى أنه إذا لم نستطع الجمع بينهما فنحن آثمون، وذكر واقعة من شبابه عندما سأل الشيخ الشعراوي كيف يمكن للأمة أن تستقل بقرارها، فأجابه الشعراوي: "يا ولدي عندما يكون أكلنا من فأسنا، يكون كلامنا من رأسنا".
كذلك تحدث الحبيب علي الجفري عن ضياع العالم في كثير من جوانبه رغم التفوق العلمي والتقني، متسائلًا عن إنجازاته في مواجهة الجوع وسفك الدماء والصراعات الاقتصادية، وأشار إلى أن هذا الواقع ينادينا بأننا جزء من تلك المآسي، دعا إلى تجاوز مرحلة الشكوك في المؤسسات الإفتائية والدينية التي يثيرها من ليس لديهم علم أو فقه وإنما يحملون أفكارًا خاصة، مؤكدًا القاعدة الشرعية بأن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا.
كما أشاد بدور الشيخ علي جمعة في بحث جميع الموضوعات التي قد نحتاج إلى فتوى فيها، موضحًا أن مفهوم الفتوى هو إبانة حكم شرع الله لا على سبيل الإلزام، وتساءل عن جواز قصر النفع في الفتوى على فئة معينة أو جعلها شاملة لجميع فئات المجتمع لتحقيق التكامل بين الأفراد والمؤسسات، مبينًا أن الجواب يتجاوز مفاهيم البيوع والشركات والمعاملات إلى المستجدات التي لم تكن موجودة من قبل.
وأكد الحبيب الجفري ضرورة معالجة الفتوى للمشكلات الناتجة عن الأزمات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الاقتصاد علم إنساني واجتماعي يهدف إلى رفاهية البشر وتلبية متطلباتهم.
ولفت إلى أنه منذ سقوط الرأسمالية لم يوضع نظام يحقق الرفاهية للمجتمعات. ووجه حديثه إلى رجال الأعمال مشددًا على ضرورة تجاوز أداء الزكاة نحو آفاق تنموية أوسع لخدمة الفقراء وبناء المجتمع. كما وجه حديثه إلى الفقراء داعيًا إلى العمل والصبر والقناعة، مشيرًا إلى أننا بحاجة إلى الحديث عن الفقراء بدلًا من مجرد مخاطبة الفقراء أنفسهم.
وأوضح أن إحدى الإشكاليات التي تواجه بعض القائمين بالفتوى -مؤكدا عدم وجودها بدار الإفتاء المصرية- تتمثل في ضعف التواصل بين القائمين بالفتوى والناس ومشكلاتهم، مشيرًا إلى أن التحدي المستقبلي هو تأهيل العاملين بالفتوى وتطوير اطلاعهم على تفاصيل المستجدات والمسائل المعاصرة. مع مرور الوقت يصبح هذا التحدي أكثر تعقيدًا، إذ يتغير الواقع بسرعة كبيرة.
وتطرق الحبيب علي الجفري إلى تفشي الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن التعامل معه يصبح أشبه بالطلاسم إن لم نواكب تطوراته. في ختام الندوة، وجه نصيحة للحضور بأن من مقتضيات التقوى وفهم الزمان ألا نتعجل الجزم بما لا ندري. واقترح الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى رغم ما يحمله من محاذير، معتبرًا أنه سيساهم بشكل كبير في هذا المجال.
كما وجه اقتراحًا لطلاب العلم الوافدين بالاستفادة مما تعلموه عند عودتهم إلى أوطانهم. واختتم كلمته بالإشادة بفضيلة المفتي الذي نسب الفضل إلى أهله وبنى على ما وصل إليه المفتون السابقون.
من جانبه قال الأستاذ الدكتور فياض عبد المنعم، وزير المالية الأسبق، إن الفتوى يمكن أن تكون أداة لحل المشكلات الاقتصادية، موضحًا أن الاقتصاد هو مصطلح علمي تطور من معناه اللغوي إلى علم يهتم بتدبير شؤون الأمة من خلال الاستغلال الأمثل للموارد لتحقيق الاحتياجات الضرورية والعمل على تحسين كفاءة الاقتصاد في المستقبل، وقد أصبح الاقتصاد علمًا بارزًا اهتم به الغرب الذي سيطر على الحضارة الصناعية، ومنح تقديره هذا عبر جائزة نوبل.
وأضاف أن الإسلام، عند النظر إليه من خلال مصدره الأول وهو القرآن الكريم، يركز على إرساء العقيدة الصحيحة ثم ينظم العبادة لتزكية النفس، ويعنى بتنظيم الحياة الاجتماعية بشكل شامل، بما في ذلك الأسرة والسياسة والاقتصاد والقانون، ذلك لأن الدين ينظم حياة الإنسان ويولي اهتمامًا خاصًا بالجانب الاقتصادي، وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا بهذا الجانب، حيث عمل على حل المشكلات الاقتصادية منذ وصوله إلى المدينة المنورة، فأسس المسجد وأقام نظام المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وابتكر مؤسسات مثل بيت مال الزكاة، ونظام الوقف، وبيت مال الأمة -وهو بخلاف بيت مال الزكاة-؛ لضمان حقوق الفقراء.
وتابع قائلاً: إن الاجتهاد الفقهي ومقاصد الشريعة، مثل حفظ المال، قد أسهم في تطوير الحلول الاقتصادية، حيث ابتكر الفقهاء مفهوم "فروض الكفاية"، وأضاف أن الحياة الاقتصادية البشرية تتبع مسارًا طبيعيًا يتمثل في الإنتاج، ونظرًا لأننا نعيش في مرحلة الثورة الصناعية الرابعة، فقد تحولت العمليات الإنتاجية والاستثمارية والمالية بشكل جذري، مما يبرز أهمية الفتوى في تحديد شرعية القضايا الاقتصادية استنادًا إلى فهم الواقع أولًا، ثم تحليلها بشكل علمي.
كما أشار إلى ما أسماه "مرحلة المصفاة الشرعية"، التي تركز على المعاملات، ثم تأتي "السياسة الشرعية" التي توجيه المسؤولين لتحقيق مقاصد الله في الاقتصاد.
وفيما يخص الاقتصاد الرقمي، أوضح الدكتور فياض عبدالمنعم أن الثورة الرقمية قد خلقت تحولًا في طرق الإنتاج والتعاون الرقمي، وأدت إلى تغيير في دوائر الإنتاج والاستهلاك والتوزيع، ولفت إلى أن الاقتصاد الرقمي ما يزال في بدايته، لكنه سيؤدي إلى تحول إلى مجتمع بلا نقود ورقية، حيث ستنتقل الثروات بشكل غير تقليدي، ومع ذلك، قد يرافق هذا التحول بعض المفاسد، وهو ما يستدعي دور الفقيه في موازنة المقاصد والمفاسد، هنا تأتي الفتوى كأداة توجيه للسياسات النقدية والمالية، لضمان تطابقها مع الشريعة الإسلامية التي لا تضيق على الناس، بل تهدف إلى خلق مجتمع صالح يحافظ على الاقتصاد.
وأشار وزير المالية الأسبق إلى أن الاقتصاد الرقمي يتطلب إدارة الأعمال باستخدام أدوات غير ملموسة، مما سيؤثر على اختفاء بعض الوظائف التقليدية، وهو ما يتطلب من الدولة المصرية العناية بتنمية المهارات المعرفية والعلمية للأفراد لمواكبة هذه التحولات.
وأكد أن الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي لم يبدأ الآن، بل بدأ منذ عقود، وقد شهد توسعًا كبيرًا بفضل تطور التكنولوجيا، كما أشار إلى أن هذا التطور العلمي ساعد في تكوين ثروات هائلة في القرن الماضي، وأن هذه التقنية تختصر الوقت والجهد وتساهم في زيادة الإنتاجية.
وأضاف أن الظاهرة الاقتصادية معقدة ومركبة، وأن فرضيات علم الاقتصاد غالبًا ما تعتمد على الرأسمالية المادية التي تفتقر إلى الأخلاق وتؤدي إلى احتكار الظلم. كما أشار إلى أن الأزمات الاقتصادية والحروب تنشأ غالبًا بسبب الصراعات على المواد الاقتصادية.
وفي الختام، وجه الدكتور فياض عبد المنعم نصيحة بأنه لا ينبغي أخذ نصيحة أو فتوى في الأمور الاقتصادية إلا من المختصين، نظرًا لتعقيد هذه الظاهرة وكونها علمًا مركبًا ومتغيرًا، لذا يجب علينا أن نفهم الظاهرة الاقتصادية بشكل جيد وأن نتجنب ممارسة العمل الاقتصادي بدون معرفة كافية.
انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.