رياضة / اليوم السابع

نجوم خارج القطبين.. مصطفى رياض.. الغزال الأسمر وهداف الشواكيش الساحر

في زحام الأضواء التي تسطع فوق القطبين، حيث يحكم الأهلي والزمالك قبضتهما على المشهد الكروي المصري، هناك نجوم اختاروا دربًا مختلفًا، طريقًا وعرًا لكنه أكثر نقاءً، بعيدًا عن ضجيج الديربي، وصخب الجماهير المنقسمة بين الأحمر والأبيض، هم أولئك الذين تحدّوا القاعدة، ورفضوا أن يكون المجد حكرًا على من ارتدى قميصي القلعتين، فكتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجلات الكرة المصرية دون أن يطرقوا أبواب الجزيرة أو ميت عقبة.

من ملاعب الأقاليم إلى المدرجات الصاخبة، من الفرق الطموحة إلى المنتخبات الوطنية، صعد هؤلاء اللاعبون درجات المجد بعرقهم، فجعلوا الجماهير تهتف لهم رغم غيابهم عن معترك القطبين، حملوا شرف التحدي، وواجهوا إرثًا ثقيلًا يربط النجاح بألوان بعينها، فكسروا القواعد وغيّروا المفاهيم، وأثبتوا أن النجومية لا تُصنع فقط في مصانع الأهلي والزمالك، بل قد تولد من شوارع المحلة، أو أسوار الإسماعيلي، أو على شواطئ الإسكندرية وبالقرب من ميناء بورسعيد، في شمال مصر وجنوبها، أو حتى بين جنبات أندية لم تعتد رفع الكؤوس، لكنها عرفت معنى صناعة الأساطير.

 

مصطفى رياض.. الغزال الأسمر وهداف الشواكيش الساحر

في أزقة بولاق أبو العلا، حيث يختلط عبق الماضي بنبض الحاضر، وُلد نجم لن ينطفئ بريقه في سماء الكرة المصرية، هو مصطفى رياض، الغزال الأسمر، وهدّاف الترسانة التاريخي. لم يكن مجرد لاعب، بل كان رمزًا للموهبة المتدفقة، ونجمًا سطع في زمن العمالقة، فصنع المجد بأقدامه، وحفر اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة المصرية.

ولد مصطفى رياض في الخامس من أبريل عام 1941، وسط أسرة كروية عشقت "الشواكيش"، فكان أخوه الأكبر محمد لاعبًا في الترسانة، ولحق به شقيقه الأصغر حسن فيما بعد، وكأن حب كرة القدم كان يسري في دماء العائلة.

لكن طريقه لم يكن مفروشًا بالورود، فقد كاد حادث بسيط أن يغير مسار حياته، حينما حاول التسلل خلف شقيقه لمشاهدة إحدى المباريات، فقفز من الترام مسرعًا وسقط مصابًا. خوفًا عليه، قرر والده إلحاقه بنادي الترسانة، ولم يكن يعلم حينها أنه يضعه على أول طريق المجد.

انضم مصطفى رياض إلى فريق الأشبال في الترسانة عام 1954، ولفت الأنظار سريعًا بمهاراته الاستثنائية. وفي عام 1956، خاض أولى مبارياته الرسمية، لكن العدوان الثلاثي حال دون استمرار الدوري. إلا أن ذلك لم يمنعه من التألق، فقاد فريق حي بولاق للفوز بالمركز الثاني في دوري أحياء القاهرة، ونال لقب أفضل لاعب وهداف البطولة، وكأن القدر كان يمهّد له طريق الأسطورة.

وفي موسم 1959-1960، صعد إلى الفريق الأول، ليبدأ رحلته الحقيقية، وكان أول ظهور رسمي له أمام طنطا، ورغم خسارة الترسانة، إلا أن بزوغ نجمه كان واضحًا. ثم جاء اللقاء الحاسم في عام 1957، حين انضم إلى الفريق شبلٌ آخر، حسن الشاذلي، ليشكلا معًا ثنائيًا كرويًا نادرًا استمر لعشرين عامًا، وظل حديث الجماهير حتى يومنا هذا.

كان مصطفى رياض قائدًا بالفطرة، لا يعرف المستحيل، فقاد الترسانة لتحقيق إنجازات لم يسبق لها مثيل، أبرزها: الدوري المصري لأول مرة في تاريخ النادي موسم 1962-1963، كأس مصر مرتين (1964-1965 و1966-1967).

وفي مشواره الدولي، تألق كعادته، فسطّر اسمه بحروف من ذهب في دورة طوكيو الأولمبية، حين سجل 6 أهداف كاملة في مرمى كوريا الجنوبية، ليقود منتخب مصر إلى دور الثمانية، في واحدة من أعظم المباريات التي شهدتها الكرة المصرية. كما تألق في لقاء مصر وليبيا في استاد القاهرة، حينما كانت مصر متأخرة بهدفين، فانتفض مع زملائه، ليسجل هدفًا في انتفاضة انتهت بفوز الفراعنة 3-2.

في التاسع عشر من نوفمبر 1976، أسدل الستار على رحلة استمرت قرابة العقدين، حيث اعتزل الثنائي الأسطوري مصطفى رياض وحسن الشاذلي في مباراة تاريخية أمام منتخب الأندية في النادي الأهلي، وسط وداع أسطوري يليق بمسيرتهما الحافلة. لكن العشق للكرة كان أقوى من الاعتزال، فقررا العودة إلى الملاعب، ليبرهنا أن الأساطير لا تغيب عن المشهد بسهولة.

لم يكن مصطفى رياض مجرد هداف، بل كان رمزًا للسرعة والمهارة، حتى أطلق عليه الجمهور لقب "الغزال الأسمر"، وهو اللقب الذي أكده إبراهيم يوسف قائلًا: "الغزال الحقيقي هو مصطفى رياض."

أما عن الأغنية الشهيرة "مصطفى يا مصطفى"، فقد ارتبطت باسمه قبل أن تُنسب لاحقًا لمصطفى عبده، وكأنه كان محور الاهتمام في كل شيء، حتى في الأهازيج التي تتغنى بها الجماهير.

بين عامي 1960 و1967، سجل مصطفى رياض 107 أهداف في الدوري المصري وكأس مصر، في رقمٍ يصعب كسره، ليظل أحد أعظم الهدافين في تاريخ الكرة المصرية.

في النهاية، قد يمر الزمن، وتتغير الأجيال، لكن أسماء العظماء تبقى خالدة في ذاكرة الكرة المصرية، ومصطفى رياض لم يكن مجرد لاعب، بل كان رواية تُروى، وحكاية لا تنتهي، ستظل محفورة في قلوب عشاق "الشواكيش"، ومحبي كرة القدم في مصر كلها.

انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا